رواية "الفقراء"


          

         نشرت سنة 1846:       







 إننا معشر االذين نعيش في هموم الحياة على الأرض ونضطرب في أعاصيرها , يجب علينا أن نحسد طيور السماء.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

إي شيطان يدفع الإنسان إلى الكلام أحيانا؟ وما جدوى هذا الكلام ؟ لايخرج من هذا الكلام شيء , لايخرج منه شيء البتة , ولا يؤدي إلا إلى مواقف سخيفة ....

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

إنه ليتفق للمرء أن يخطئ تقدير ما يشعر به هو نفسه , و أن يسترسل في تراهات سخيفة .

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

يقال أن تأنيب الضمير يخفف عن النفس ...ألا إن هذا لخطأ تماماً....

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

فليعدوني فأراً ما داموا قد وجدوا بيني وبين الفأر شبهاً. أسلم لهم بذلك . لكن للفأر ضرورته أيضا , ان له نفعاً في هذا العالم , وقد يحرص على الفأر أحياناً , وقد يعطى الفأر مكافآت ...أنا فأر من هذا النوع.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

إنه لأمر عجيب أن يستطيع امرؤ أن يعيش في هذا العالم دون أن يخطر بباله أن هناك على مقربة منه كتابا يقص فيه قصة حياتنا شاهد عيان.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

ان الشقاء مرض معد, فيجب على الأشقياء والمساكين أن يتجنب بعضهم بعضا , يجب عليهم أن يتحاشوا أي اتصال بينهم , حتى لا تزداد آلامهم بعدوى متبادلة.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

إنهم يعلمون يا فارنكا ان الإنسان الفقير لايساوي أكثر من خرقة بالية , وانه لايطمع لنفسه في أي نوع من الإحترام , مهما يقل القائلون ومهما يكتب الكاتبون _آه من هؤلاء الكتاب الثرثارين, آه من هؤلاء الذين ما ينفكون يسودون ورقًا_ فمهما يتقنوا صف العبارات وتنميق الجمل , سيظل الإنسان الفقير ما هو ,ولن يتغير فيه شيء . أما لماذا سيظل ما هو لايتغير فيه شيء , فلأن هؤلاء الناس جميعا يرون أن كل شيء لديه يجب أن يكون مكشوفا مبسوطا أمام الأعين معروضا للأبصار , فلا شيء في نفسه يجب أن يظل سراً أو أن تكون له حرمة . ليس له أن يكون ذا كرامة أو كبرياء .. حرام عليه ذلك .

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

إن اولئك الكتاب الوقحين واولئك المخربيين الأوغاد الذين ترينهم يتنزهون في الشارع , فلا يكون لهم من هم الا أن يلاحظوا هل يضع فلان على الأرض راحة قدمه كلها أم هو يمشي على رؤوس الأصابع , يحبون أن يعرفوا أليس في حذاءي ذلك الموظف البسيط ثقوب تخرج منها أصابع قدميه عارية ؟ أليس كماه مهترئين حتى الكوعين ؟ انهم يلاحظون ذلك ثم يصفونه وينشرونه كتبا كريهة مقيتة , فيم يهمهم أن يكون كماي مثقوبين حتى الكوعين ؟ اغفري لي يا فارنكا إذا جئتك بتشبيه فظ فقلت ان الرجل الفقير يشعر في هذه الأمور كلها بنفس الحياء الذي تشعرين أنت به كفتاة . فأنت لا تحبين طبعاً أن تتعري أمام الناس . فكذلك الرجل الفقير , لايحب أن يحشر أحد أنفه في خدره  ليرى كيف يعيش.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

إنه يستوي عندي أن أخرج بلا معطف ولا حذاءين في هذا الجو البارد وهذا الصقيع المتجلد , انني قادر على احتمال ذلك , مستعد لقبول كل شيء . فأنا أنسان بسيط , انسان صغير , ولكن ما عسى يقول الآخرون , يارب , ماعسى يقول أعدائي , ماعسى تقول هذه الالسنة الطويلة كلها ,حين أرى بلا معطف ؟ من أجلهم , من أجل الناس انما يضطر المرء إلى ارتداء معطف وانتعال حذاءين أيضا , من أجل الناس انما يتجمل المرء بهذه الأشياء ما في ذلك ريب .

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

ان كل مايقع لنا يناسب حالتنا النفسية , فاذا كان المرء شجي النفس متعكر المزاج , فلا تقع له الا احداث مزعجة .

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

لماذا يكون حراما على المرء أن يفرح نفسه قليلا , وأن يتيح لقلبه شيئا من الإنشراح؟ انني حين أشرب أنسى التفكير في نعل حذائي . والنعل شيء تافه , وسيظل إلى الأبد تافها وضيعا قذرا باليا , بل ان الحذاء نفسه شيء حقير , كان حكماء اليونان لاينتعلون أحذية . لماذا يجب علينا نحن أن نهتم كل هذا الإهتمام بشيء هين هذا الهوان ؟

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

لماذا تعيش النفوس الطيبة في الشقاء والهجران , بينما لايحتاج غيرها حتى إلى البحث عن السعادة لان السعادة هي التي تلقي بنفسها بين ذراعيه؟ أعرف يا ماتوشكا أن هذا التفكير شر , أعرف أن هذا التفكير حرام , فهو لبرالية وزندقة والحاد . ومع ذلك فإنني أتساءل صادقا باسم الحقيقة المقدسة نفسها : لماذا خلق نساء للسعادة , بقرار من القدر , منذ كن في ارحام امهاتهن , بينما نساء أخريات يرين النور في ملاجئ الايتام ؟

---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

انه ليتفق لنا أحيانا أن نصغرأنفسنا في نظر أنفسنا , أن نغض من قيمة أنفسنا , فما نعد أنفسنا شيئا , وان نهوى بذلك إلى القاع من الشعور بالتلاشي .

---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

انه لمما يحزن النفس أن يتصور المرء انه لايعرف في اي يوم , في اي ساعة يمكن أن يموت ....ان من الممكن أن يموت الانسان ميتة بلهاء في لحظة كانت فكرة الموت فيها أبعد ماتكون عن خياله .

---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

على المرء أن يعرف كيف يمسك السعادة من شعرها ...لكن ماهي السعادة بعد كل حساب ؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قلب ضعيف